الأحد

البحرين صورة قاتمة السواد في مجال الحريات العامة



نتيجة التردي المستمر في واقع الحريات العامة في البحرين، وتزايد انتهاكات حقوق الإنسان المترافقة مع اعتقالات سياسية للناشطين الحقوقيين والمعارضين السياسيين، أصدر مركز البحرين لحقوق الإنسان بياناً مطالباً السلطات البحرينية، بإطلاق سراح جميع المعتقلين بتهم متعلقة بالأزمة السياسية التي تعيشها البلاد، باعتبار أن الدوافع الفعلية لاعتقالهم هي ممارستهم لحقوقهم في التعبير والتنظيم والتجمع، وليس الدعوة لاستخدام العنف كما يدعي النظام، كما طالب المركز بضرورة وقف عمليات الاختطاف التي تقوم بها بعض أجهزة الأمن فورا وتقديم المسئولين عن هذه المليشيات والعاملين بها للمحاكمات العلنية المستقلة، كما تمت الدعوة من خلال بيان المراكز لإدارة حوار جدي مع القوى الفاعلة في المجتمع البحريني، والنظر في الأزمة التي تمر بها البلاد والمتصلة بوقف سياسات التمييز الطائفي الممنهج وضمان الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية، عوضا عن الحلول الأمنية التي ثبت عدم جدواها بجلاء.



وعن طبيعة الممارسات الميدانية لأجهزة الأمن البحرانية في إطار انتهاكات حقوق الانسان، ذكر مركز البحرين لحقوق الإنسان على موقعه الالكتروني أنه تم اعتقال عضو إدارة المركز الدكتور محمد سعيد السهلاوي من منزله في منطقة السهلة في فجر يوم الثلاثاء الموافق 17 من أغسطس 2010، الدكتور السهلاوي طبيب أسنان يعمل بعيادة خاصة ويعد من الناشطين في مجال حقوق الإنسان وعضو إداري بمركز البحرين لحقوق الإنسان ويشرف على موقعه الالكتروني.







وهذه ليست المرة الأولى التي يتعرض فيها السهلاوي للاعتقال من قبل السلطات البحرانية، فقد كان اعتقل في نوفمبر 2006 لاتهامه بتوزيع منشورات تطالب بالإصلاح والتغيير السياسي بالطرق والوسائل السلمية، وفي أعقاب عملية الاعتقال هذه حكم عليه بالسجن لمدة سنة لكن تم الإفراج عنه قبل إتمام المدة بعفو ملكي،وتم اعتقاله أيضاً في عام 1997 بتهمة التواصل مع المعارضة والمنظمات الدولية في الخارج وتم احتجازه إداريا دون محاكمة لمدة عام ونصف.





وإلى جانب اعتقال الدكتور السهلاوي تم اعتقال علماء دين ينشطون في العمل الخيري والاجتماعي ومنخرطون في أنشطة الدفاع عن الحريات وحقوق الإنسان ، منهم كان الشيخ عبد الهادي المخوضر من منطقة السنابس، والشيخ ميرزا المحروس من منطقة المنامة،.



كما تم اعتقال جعفر أحمد جاسم الحسابي وهو ناشط مقيم في بريطانيا منذ 15 عاما ومعروف بمشاركاته الدائمة في اعتصامات العاصمة البريطانية المطالبة بالحريات وحقوق الإنسان وإطلاق سراح المعتقلين.



وخلافا لمبدأ “المتهم بريء حتى تثبت إدانته” فقد تم تشويه سمعة جميع المعتقلين من خلال نشر صورهم والتعرض إلى سمعتهم من قبل الأجهزة الإعلامية التابعة للدولة في فزعة إعلامية منظمة ومصطنعة بشكل متوازي مع عملية تحريض مستمرة تقودها صحف الدولة على رأسها صحيفة الوطن وهي الصحيفة القريبة من ديوان الملك والتي ارتبط اسمها ودورها بإذكاء الخلافات الطائفية والسياسية بين أبناء البلاد حسب ما جاء على لسان مستشار الحكومة السابق الدكتور صلاح البندر.



وإلى جانب حملات الاعتقال للنشطاء الحقوقيين ورجال المدافعين عن حقوق الإنسان ذكر مركز البحرين لحقوق الإنسان لانتشار المليشيات الموالية لنظام الحكم في البحرين في القرى والمدن البحرينية زيها الأسود، هذه الفرق مهمتها ملاحقة المتظاهرين والمعارضين السياسيين للنظام في البحرين.



المعتقلين من المتظاهرين والمعارضين السياسيين يتم اقتيادهم لمعتقلات سرية وهم معصوبي الأعين ومقيدي اليدين، ويتعرضون لشتى صنوف التعذيب والإهانة على يد ميلشيات النظام، وتشمل إجراءات التعذيب كذلك التجريد من الملابس، وتصوريهم عراة، وتصل الأمور أحياناً للتحرش الجنسي.



هذا وقد علم مركز البحرين لحقوق الإنسان عن اختطاف كل من حكيم العشيري وحسين علي داود من منطقة الدير أثناء مرورهم بسيارتهم بالقرب من المدرسة الفرنسية في منطقة البسيتين مساء الجمعة، حيث تم تطويقهم بأربع سيارات مدنية بها مجموعة من الأفراد المسلحين باللباس المدني وإرغامهم على ترك سيارتهم والدخول إلى إحدى تلك السيارات بعد تقييد أيديهم وتعصيب أعينهم ثم أخذهم إلى مركز غير معروف يعتقد هؤلاء الضحايا انه يقع بالقرب من مطار البحرين نظرا لسماعهم أصوات الطائرات التي يبدو إنها كانت قريبة من مكان الاحتجاز. وتم نزع جميع ملابسهم وتصويرهم عراة والتحرش بهم جنسيا. وبدأ التحقيق معهم وسؤالهم عن صلتهم ببعض المدافعين عن حقوق الإنسان أو شخصيات المعارضة البحرينية. وتم ضربهم وركلهم في جميع أنحاء الجسم ثم تعليقهم بطريقة الفلقة وضربهم بالهراوات بل تم نزع أجزاء من شعر رأس علي داوود عنوة باستخدام كماشة حديدية. وبعد الانتهاء من تعذيبهم تم رميهم عند حظيرة أغنام قريبة من مركز الصباح الصحي بمنطقة أم الحصم .



وفي حادث أخر في يوم الأحد الموافق 15 أغسطس عندما كان الناشط السياسي وطالب كلية الحقوق علي حسن الستري عائدا إلى قريته دمستان، وبينما هو في الطريق تفاجأ باعتراض سيارته من قبل سيارة مدنية ذهبية اللون ونزول مجموعة من الأشخاص المسلحين الذين يرتدون الملابس السوداء. ثم قاموا باقتياده عنوة من السيارة الخاصة به إلى سيارتهم بعد تقييد يديه وإلباسه قناع اسود اللون يحجب عنه الرؤية . وبعد 20 دقيقة توقفت السيارة وتم اقتياده في مكان يعتقد انه شقة أو منزل خاص ثم انهالوا عليه بالضرب والركلات دون توقف حتى سقط فاقدا وعيه، بعدها قاموا بتجريده من جميع ملابسه وتصويره وهو عاري. واستمر الحال معه لعدة ساعات حتى جاء أحد الأشخاص يُعتقد بأنه مسئول أمني للتحقق معه عن نشاطه السياسي وعلاقاته المختلفة مع بعض أقطاب المعارضة السياسية – واخبره أن نشاطه يزعج السلطة وان ما حدث له ما هو إلا رسالة له وللآخرين وانه سيتم تصفيته جسديا إن استمر في نشاطه، كما تم تهديده باغتصاب بعض أفراد أسرته إن واصل تحديهم بالاستمرار بنشاطه . واستمر هذا الحال قرابة اليوميين حتى تم إيصاله مساء الاثنين وهو منهك القوى ومعصوب العينين إلى منطقة ساحلية في مدينة المحرق. وطوال فترة وجوده كان الستري يسمع أصوات وعويل وصراخ آخرين وهم يتعرضوا للتعذيب.



وفي حادث جديد، وعندما كان احمد علي حسين عبدالله عائدا لسيارته في المنطقة الدبلوماسية وقبل وصوله للسيارة، اعترضته سيارة “إيكو” سوداء اللون ونزل منها ثلاثة أشخاص بملابس سوداء. قاموا بتقييد يديه وتعصيب عينيه وتمديده على كرسي السيارة ثم قاموا بالجلوس عليه وضربه في جميع أنحاء جسده حتى كاد أن يخنق، ثم أخذوه إلى مكان مجهول وضربه بشكل متواصل والتحقيق معه حول صلته بأشخاص من المعارضة البحرينية. وتم تهديده بالاعتداء عليه جنسيا بل شرعوا في نزع جميع ملابسه ومسح أجزاء من جسمه بالزيت لتسهيل عملية الاعتداء الجنسي، وتم تصويره عاريا وقيل له انه سيتم نشر الصور في المنتديات الالكترونية. كما أُجبر على الوقوف طوال الوقت عاريا في نفس المكان الذي يبدو انه كان قريبا من المطار نظرا لسماع أصوات الطائرات. وتواصل الضرب والشتائم والتهديد باغتصاب أفراد الأسرة . وأثناء فترة احتجازه سمع احمد حسين عبد الله أنين وصراخ اثنان أو ثلاثة من المحتجزين الذين بدا على أصواتهم وكأنهم يتعرضون إلى اعتداءات جنسية. وأخيرا أخذوه في سيارة وقاموا بضربه حتى أن القوا به عند ساحل منطقة البسيتين في المحرق ورمي سرواله الذي كان يرتديه فقط . شاهده بعض المارة على الساحل وقامو بالاتصال بأهله الذين أتوا وأخذوه إلى المستشفى للعلاج ومن ثم قدم البلاغ عن عملية الاختطاف إلى مركز البديع.





في الوقت الذي يعلن فيه مركز البحرين لحقوق الإنسان عن قلقه البالغ لهذه الممارسات غير الأخلاقية، فانه يرى أن اختطاف المشتبه بهم كمعارضين لسياسة لسلطة أو مشاركين في الأعمال الاحتجاجية، وقطع الطرق عليهم في الشوارع العامة من اجل اختطافهم وإخفائهم في أماكن مجهولة بعيدا عن العالم الخارجي، ومن ثم تعذيبهم جسديا والتحرش بهم أو الإساءة لهم جنسيا، هو عمل عصابات أو مليشيات غير منضبطة وليس عمل سلطة حاكمة تحترم نفسها، وإن السلطة التي تؤكد على حاكمية القانون يجب عليها أن تبدأ هي أولا باحترام القانون، لا أن تدير البلاد بهذه الطريقة المخالفة لكل الأعراف الأخلاقية والقيم والإنسانية. وإن مركز البحرين لحقوق الإنسان يحمل ملك البلاد وعمه رئيس الوزراء والمسئولين الأمنيين من العائلة الحاكمة كامل المسئولية عن كل تلك الانتهاكات التي ترتبت أو سوف تترتب على خطابهم التحريضي الذي دشن هذه الانتهاكات ضد المعارضين السياسيين أو المدافعين عن حقوق الإنسان.



ويرى المركز أن هذه الحملة القمعية والفزعة الإعلامية التي تقودها الفئة الحاكمة هي حالة مؤقتة لابد أن تنتهي ليواجه نظام الحكم واقعه ومشاكله مرة أخرى.



محمد أبو علان

ليست هناك تعليقات: