سيادة الرئيس بحكم كونك رئيس الجمهورية .. فأنت تمتلك صلاحيات واسعة لتحكم بها مصر وبالتالى أنت مسئول بصفتك الوظيفية عن امن وسلامة البلد وعن الحفاظ عن الوحدة الوطنية .. وفى سبيل تحقيق ذلك تسخر كل الوزارات والهيئات الحكومية ومجلسى الشعب والشورى لذلك الهدف .. ووضعت تحت يديك كافة السلطات التشريعية والتنفيذية وحتى القضائية ...
ففى الكلمة التى ألقيتها فى عيد العلم وهى ( أن الحادث أدمىَ قلوب المصريين أقباطًا ومسلمين ، " وبرغم تعليماتي بسرعة تعقب مرتكبيه ومعاقبتهم بقوة القانون وحسمه ، فإنني أسارع بتأكيد أن عقلاء هذا الشعب ودعاته ومفكريه ومثقفيه وإعلامييه يتحملون مسئولية كبرى في محاصرة الفتنة والجهل والتعصب الأعمى، والتصدي لنوازع طائفية مقيتة، تهدد وحدة مجتمعنا وتماسك أبنائه، وتسيء لصورة مصر، مهد الحضارة والتسامح عبر التاريخ " ...
وأن اى مجتمع متطور لدولة مدنية حديثة ، لا مجال فيه لفكر منحرف يخلط الدين بالسياسة والسياسة بالدين ، لا مكان فيه للجهل والتعصب والتحريض الطائفي ، يرسخ قيم المواطنة بين أبنائه قولاً وعملاً ، ولا يفرق بين مسلميه وأقباطه ) ...
ولكن اسمح لى ان اعترض على كلمتك التى ألقيتها فى عيد العلم فى عدة جوانب :
أولا – لماذا لم يتدخل القانون ويفعلًْ فى كل الأحداث السابقة الطائفية من دير أبو فانا حتى فرشوط ولم نسمع كلمة إدانة واحدة أو سرعة معاقبة الجناة أو تفعيل القانون بدون تمييز.
ثانيا – هل يحتاج القانون من رجال النيابة والقضاء إلى تعليمات سيادتكم حتى يمارس دوره ووظيفته .. أم أن كل هيئة تعرف دورها وتمارسه طبقا للدستور .
ثالثا – هل تحتاج الشرطة لصدور تعليمات سيادتكم لكى تمارس دورها فى تعقب الجناة والبحث عن المحرضين والممولين بالأسلحة .. أم أنها تمارس دورها طبقا للقانون والدستور.
رابعا – كيف تطالب سيادتكم بأن يتحمل عقلاء هذا الشعب ودعاته ومفكريه ومثقفيه وإعلامييه المسئولية فى محاصرة الفتنة والجهل والتعصب الأعمى، والتصدي لنوازع طائفية مقيتة – بينما سيادتكم سمحت للمتطرفين الدينين بسحب معظم المفكرين والكتاب الليبراليين وجرجرتهم فى المحاكم ورفع قضايا الحسبة ومصادرة الكتب وحرقها والتفريق بين الأزواج لمجرد الاختلاف فى الآراء والرؤية بالإضافة إلى الآف الغرامات ضدهم – أفهل تنتظر بعد ذلك ان يتكلم احد بعد هذا الإرهاب الفكرى والمعنوى والمادى .
خامسا – كيف تقول أن اى مجتمع متطور لدولة مدنية حديثة، لا مجال فيه لفكر منحرف يخلط الدين بالسياسة والسياسة بالدين، لا مكان فيه للجهل والتعصب والتحريض الطائفي، يرسخ قيم المواطنة بين أبنائه قولاً وعملاً، ولا يفرق بين مسلميه وأقباطه – بينما الواقع المعاش يقول بعكس ما تفضلتم بقوله فى عدة نواحى أهمها :
1- غياب مبدأ المواطنة المنصوص عليه فى الباب الثالث من الدستور فى (المادة 40) المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة، لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الأصل أو اللغة أو الدين أو العقيدة .
2- وكذلك غياب مبدأ الحرية الدينية المنصوص عليها في) مادة (46 التى تنص على ان تكفل الدولة حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية.
وكل ذلك بسبب المادة الثانية من الدستور التى لا تعترف إلا بدين واحد وتقسم المواطنين إلى مؤمنين وكفار حتى فى داخل العقيدة الواحدة وهى التى التجأ إليها كل المتطرفين الدينين لنفى الآخر وعدم الاعتراف به كمواطن له الحقوق إنما تكمن حقوقه كمواطن ذمى وما يعطى له من حقوق هو منة وتفضل عليه وهو تسامح منهم !!! ...
وكذلك السماح بمقولة بأن تخضع الأقلية لرأى الأغلبية فهى مقولة فاسدة تماما فدائما ما تتصادم مصالح الأغلبية مع الأقلية ( الأقلية بمعناها الواسع وليس الدينى فقط ) فالصحيح هو ان يخضع الجميع أغلبية وأقلية للقانون بدون تمييز ...
يا سيادة الرئيس هل نفهم من تصريحك هذا بعدم خلط الدين بالسياسة والسياسة بالدين بأنك ستفكر فى إرجاع مصر إلى حضن الدولة المدنية التى تتسع للجميع بعد ان قطعت شوطا كبيرا نحو الدولة الدينية التى لا تعترف إلا برجال الدين والحاكم اما الشعب فهم عبيد لهما !!! ...
يا سيادة الرئيس هل نفهم من تصريحك بترسيخ قيم المواطنة بين أبنائه قولاً وعملاً، ولا يفرق بين مسلميه وأقباطه – انه حان الوقت لإعلاء قيم المواطنة التى تآكلت بفعل الممارسات الحكومية والشرطية بالإضافة إلى ممارسات المهووسين دينيا !!! ...
ياسيادة الرئيس هل حان الوقت بأن تصدر قراركم بعودة جميع رجال الدين إلى ثكناتهم الدينية ولا يتدخلوا فيما نكتب ولا فيما نفكر ولا فيما نأكل ونشرب ولا فيما نلبس ولا يتدخلوا فى التحقير عقائد الآخر وان يقتصر دورهم فى الحض على عمل الخير ورفض الرشوة وحب الآخرين وإعلاء قيمة العمل وفى داخل دور عبادتهم فقط ...
ياسيادة الرئيس هل حان الوقت لرفع القضية القبطية من يد رجال الأمن ووضعها فى هيئة مدنية مشكلة من كبار المفكرين والحقوقيين المستنيرين ...
ياسيادة الرئيس هل حان الوقت لصدور قانون دور العبادة الموحد بدون وضع أيه عراقيل أو تفريغه من محتواه فبإشارة منكم ستجد مجلس الشعب يقره ...
فبغير ذلك لن يستقر حال مصر وخصوصا ان الحروب الدينية والمذهبية تنتشر حولنا بكثافة مثل السودان والعراق واليمن والسعودية ونيجريا والصومال وباكستان وأفغانستان الخ ...... والدول تنقسم وتتفكك ونحن لسنا بمنأى عنهم وما لم نضع أيدينا فى يد بعضنا البعض كمصريين كلنا نحب مصرنا ونخاف عليها - سنجد نفسنا كلنا داخل هذه الدائرة الجهنمية دون ان ندرى وساعتها لن يفيد الندم وستسألنا الأجيال القادمة عما فعلناه بوطننا مصر ...
بقلم: صفوت سمعان يسى
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق