الاثنين

إزدواجية حقوق الإنسان / فرحات فرحات


مقالة بقلم رئيس التحرير: فرحات فرحات

لماذا تنتهك حقوق الإنسان في دولنا العربية، ولا نسمع آراء القيادة السياسية للدول الكبرى، فما هي المصالح التي تتحكم بها؟ ولماذا؟
 أن الدول الكبرى تتعامل بازدواجية ظاهرة للعيان مع أوضاع حقوق الإنسان وخاصة في بلدان الشرق الأوسط، حيث تتغاضى عن أوضاع إنتهاك حقوق الإنسان من خلال التزوير في الإنتخابات الرئاسية في مصر، وقضية التوريث السياسي، وعدم إعطاء الحقوق للأقليات في السعودية والبحرين والكويت، وعدم السماح في اشراكهم في اللعبة السياسية أو في الوظائف العامة، زد على ذلك وقوفها إلى جانب الإحتلال الإسرائيلي القاتل والسافك لدماء الأبرياء من المدنيين الفلسطينيين، وحرمانهم من أقل متطلبات العيش وخاصة في غزّة، حيث يُفرض على 1.5 مليون انسان حصار يَحرمهم من الغذاء والدواء، ومن بناء منازلهم لإفتقارهم للمواد الأولية من حديد واسمنت، التي يجب استيرادها من الخارج؛

وقضية حرمان المرأة من قيادة السيارة في السعودية، واعطائها أجور ورواتب أقل من الرجل في الوظائف العامة؛ وعدم السماح في بناء الكنائس في مصر...وغير ذلك الكثير الكثير من الإنتهاكات؛
ولكن أعتقد أن هناك سؤال يجب طرحه، وهو أسباب تغافل الدول الكبرى عن أوضاع إنتهاك حقوق الإنسان في دولنا العربية؟

والجواب الواضح، أن الدول الكبرى بالتأكيد لها مصالح شركاتها العاملة في مجالات الطاقة والنفط والأسلحة... وغير ذلك الكثير؛ وان الولايات المتحدة حاولت تغيير المناهج التربوية عشية أحداث 11 سبتمبر في السعودية، وذلك حفاظاً على أرواح أبنائها من التطرف، وقد انصاعت لها الحكومة السعودية حينها؛

كما ان السكوت الأميركي على أوضاع الأقليات الدينية في السعودية ( الشيعة) وأكثرية سكان البحرين( شيعة) والكويت يأتي في مصلحة دوام الإستقرار السياسي والإقتصادي وخوفاً من أية حالات تبعية سياسية للمارد الشيعي الصاعد في ايران الذي يفرض وجوده على الساحة من خلال أوراق كثيرة؛

والخوف الإقتصادي الأساسي والذي يطغى على الطرف السياسي ونعني به، ربط العملات العربية بالدولار الأميركي المنهار، ما يجعل كل الصادرات والواردات مقومة بالدولار، وهذا يعطيه دافعاً، وربط سعر النفط بالدولار الأميركي، واحتياطيات المصارف المركزية والصناديق السيادية، عوضاً الخوف من النمر الصيني، من إحلال شركاته مكان مثيلاتها الأميركية في منطقة الخليج العربي وخاصة ضمن قطاعات النفط والغاز؛ وكلنا نتذكر ان صدام حسين عندما صرح بإمكانية تسعير النفط باليورو، أن ذلك دفع إلى تسريع الحملة العسكرية على ذاك النظام الذي بالتأكيد له أخطائه، في عام 2003 ومما أدى بالتالي لاحتلال دولة عربية هي العراق، ما زال أبنائها يقتلون ويهجرون بلا أي وازع أخلاقي.

كذلك لا يمكننا تناسي أن الخوف من المارد الإيراني، والتطرف الهائل في السعودية ودول الخليج الأخرى وعدم إعطاء الشيعة حقوقهم، يأتي في سياق وهو زيادة التسلح وشراء الذخيرة والطائرات العسكرية من الصانع العسكري الأساسي في العالم وهو الولايات المتحدة الأميركية؛ ولو اعطيت الحقوق لأصحابها وتنامت ثقافة الحوار في منطقة الخليج بين العرب والفرس، لضاعت مئات مليارات الدولارات على تلك الصناعات العسكرية الأميركية؛

كما ان الأنظمة العربية الساكتة عن حقوق شعوبها والمتآمرة عليهم كما حال الرئيس مبارك في مصر، الذي يفرض حصاراً مشتركاً على أهالي غزّة ويحرمهم من الغذاء والدواء منذ 4 أعوام، على خلفية اختيار الفلسطينيين حماس للقيادة السياسية بديلاً عن فتح عبر انتخابات اعتبرها "كارتر ومؤسسته" نزيهة، يبرر السكوت الأميركي على قضايا التوريث السياسي، وعلى قضية التزوير في الإنتخابات، أضف إلى ذلك الخوف من وصول " التطرف الديني" أي جماعة الإخوان المسلمين إلى السلطة المصرية، الذي قد يؤدي إلى فك التطبيع السياسي بين مصر وإسرائيل، وإلى وجود تطرف ديني على الحدود الإسرائيلية، يكون داعماً كبيراً للفلسطينيين، و"للإرهاب الدولي" أو " القاعدة" في شن هجمات جديدة على المصالح الأميركية والغربية في تلك المنطقة الإستراتيجية؛

كذلك الأمر في تونس، والمغرب، والجزائر، وليبيا، وسوريا وباقي بلدان العرب، ذات الأنظمة السافكة لدماء شعوبها، ضاربة عرض الحائط مبدأ تناقل السلطة، والتغيير السياسي، كأنها لم تسمع عن وجود شيء اسمه ديموقراطية وحق الشعوب في إختيار حكامها، زد عليه الفساد السياسي ونهب ثروات الشعوب، التي يتم ايداعها في المصارف الغربية، علّها تكون ملجأً عند أي تغيير سياسي مقبل؛
 
الكاتب: فرحات أسعد فرحـات FARHAT ASSAAD FARHAT
البريد الإلكتروني: farhatfarhat@live.com
مدون كاتب ومدافع عن حقوق الإنسان

ليست هناك تعليقات: