كتب فرحات أ. فرحات
لقد كنت في مركز المعاينة الميكانيكية
(النافعة) في الدكوانة وقد استغرقني الأمر من الحادية عشرة صباحاً وحتى الرابعة
عصراً، وسأسرد عليكم ما حدث معي لنستخلص العبرة.
المرحلة الأولى: السماسرة
ذهبت إلى دائرة يقف على بابها المئات من
المراجعين لتبيان إن كان على السيارة أية مخالفات مرورية خلال العام الفائت، وقد
كانت المصيبة الأولى فبيقنا واقفين هناك أكثر من ساعة، ولا سبيل لمرور أحد غير
شخصين اثنين كانا أمام الموظفين ويعطونهم أرقام لعشرات السيارات؛ فإستغربنا الأمر واعتقدنا
أن الدائرة مقفلة، إلا أنها كانت مشرعة الأبواب، ولكن ليس للمراجعين العاديين من
المواطنين وهم أكثرية المتواجدين هناك بل بل كانوا "السماسرة" وعلمنا بعدها ان هناك قرار بعدم استلام
المعاملات منهم خاصة خلال أوقات الإزدحام في نهاية العام؛ إلا أنه لا قانون هناك
يا معالي الوزير ولا أحد ينفذ أوامرك !؟
وعندما صرخ أحدنا رافضين لما كان يجري هناك إعتراضاً
منا على وجود السماسرة لأكثر من ساعة حتى بدأ العد العكسي لوقوفنا هناك؛ فهل إنتهى
الأمر؛ لا أنت بمغارة علي بابا والأربعين موظفاً في الدكوانة!
حيث يعطوك وصلاً بالمتوجبات، عليك أن تدفعه
في دائرة ثانية حيث عليك أن تقف لساعة أيضاَ؛ ومن ثم لا يوجد موظف هناك في ذات
الطابق ليتم تسجيل أنك سددت المخالفة بوقوف السيارة في مكان غير مخصص لها، بل عليك
الذهاب "إلى مبنى آخر يبعد عن المبنى الأول عشرات الأمتار والصعود على الدرج
للطابق الثالث وتقف في إزدحام غير منضبط للمرة الثالثة.
المرحلة الثانية: تأمين السيارة
يوجد في لبنان تأمين إلزامي على المركبات
الآلية نتيجة الأعراض الجسدية التي قد تعرض الآخرين للخطر؛ جميل!؟ لا إنه عبارة عن
عنوان لا أكثر فنحن انتقلنا إلى مغارة شركات التأمين اللبنانية التي تفرخ كثيراً
في لبنان والتي تتنافس فيما بينها على هذا التأمين بتخفيض سعر البوليصة لأن شركات
التأمين تعطي الوزرقة إلا أنها تقوم بالمستحيل حتى لا تدفعه إن تعرض أحدهم لأي
عارض ما؟
وفي مغارة الدكوانة تجد عشرات السماسرة الذين
يعرضون عليك التأمين لدى شركات وهمية يرخص لها القانون اللبناني وتحميها وزارة
الإقتصاد اللبنانية؛ لأنه لا يوجد في لبنان ضابط لشيء وخاصة المستهلك.
المهم أنني كنت اشتريت كافة أنواع التأمينات
المتعلقة بالسيارة قبل مجيئي للمغارة في الدكوانة؛ من أحد وسطاء التأمين المحترمين
والذي قد تطلق عليه إستشاري تأمين حيث يعرض عليك ما إيجابيات وسلبيات أي منتج
تأميني فتقدم على الشراء اقتناعاً بالمنتج لا كما يفعل السماسرة.
المرحلة الثالثة: تسجيل الميكانيك
يتم ذلك في مبنى ثالث في ذات المغارة حيث تقف
صفوف من المواطنين لساعات طوال!؟ لماذا !؟ لأنه لا تنظيم هناك؛ فالسماسرة مرة
ثالثة يخرقون الصفوف ويبقون ساعات عند الموظف ليقوموا بالمعاملات؛ وبالنتيجة الموظف
يأخر كافة المواطنين من أجل السمسار لا لسبب سوى أن الغلة تقسم على الجميع من
الموظفين والسماسرة؛ والسمسار الأشطر هو الذي يطعم أكثر في ذات المغارة.
هذا عدا عن حالات اختراق الصفوف من قبل
سماسرة من نوع جديد هم : الدرك، أو عناصر قوى الأمن الداخلي الذين مهمتهم الأساس
تنظيم الصفوف؛ والحفاظ على الأمن وعلى حسن سير النشاط الإداري في المغارة حتى لا
تكون مغارة؛ إلا أنهم يخرقون الصفوف لإتمام المعاملات؛ بلد !؟
المهم أنني لم أستطع البقاء ساكتاً، خاصة أن
كل ذلك كان أما عيني "العميد" أو المسؤول عن النافعة؛ فحاميها حراميها
في لبنان؛ وافتعلت مشكلة معه لأنه لا يجوز أن يكون هذا الأمر حقيقة عند الألفية
الثالثة؛
وقد عمدت إلى سردي للواقعة التي حدثت معي في
الدكوانة لأنه لا يجوز أن نبقى ساكتين عن الأخطاء والتجاوزات التي تحدث في لبنان؛
بل علينا الكتابة عنها وتقديم الشكاوي حتى ولو كانت المسائل كلها مطبوخة ولو كان
بعض قوى الأمن من الفئة الضالة في مجتمعنا؛ إلا أنه لا بد أن يكون هناك بعض
الأوادم، فلن يخلو الأمر وقد يسمع أحدهم ...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق