الاثنين

منع بناء المآذن...هل يشابه منع بناء الكنائس!؟





أظهر استفتاء شعبي أجري في سويسرا يوم الأمس الأحد أن أغلبية الشعب السويسري تؤيد منع بناء المآذن ، حيث صوت الناخبون السويسريون بأغلبية 57.5% لصالح مبادرة منع بناء المآذن، لتصبح سويسرا الدولة الوحيدة في أوروبا التي تفرض هذا المنع.



وكان اليمين الشعبوي السويسري رفع المبادرة ضد المآذن الى الحكومة بعد ان جمع 113.540 الف توقيع، متجاوزاً الحد الادنى المطلوب لاجراء تصويت وهو 100 الف.



وصرحت اللجنة المنظمة للمبادرة ان المآذن ليست ابنية دينية بل هي "الرمز الظاهر لمطالبة سياسية-دينية بالسلطة تطرح مراجعة الحقوق الاساسية".



ووصلت نسبة المشاركة في الاستفتاء إلى مستوى مرتفع، حيث شارك فيه 54% من السويسريين، في حين لا تزيد أعلى نسب المشاركة في الانتخابات في المتوسط على 44% من أبناء الشعب.



وكانت الدعاوى بإجراء الاستفتاء كُثرت بعد تقدم العديد من المساجد التي لم يكن لها ظهور ملحوظ في سويسرا بطلبات لبناء مآذن بها.



ويقدر أن نحو 400 ألف مسلم يعيشون في سويسرا يمثلون نحو 5% من السكان هاجرت أغلبيتهم من يوجوسلافيا السابقة بعد أن فروا من التطهير العرقي أثناء الحرب الأهلية في التسعينات. يعيشون وسط أكثر من ستة ملايين مسيحي منتمين إلي المذهبين الكاثوليكي والبروتستانتي. مما يجعل الاسلام الدين الثاني بعد المسيحية في البلاد.





وقال فالتر فوبمان رئيس لجنة المبادرة الداعية أن السويسريين لا يريدون مآذن في بلادهم، معلناً في الوقت ذاته أن الخطوات التالية ستكون تحركات ضد الزواج الإجباري الذي تمارسه بعض الأسر على بناتها وضد الختان وتغطية جسم المرأة تغطية كاملة.



فيما، يعتزم حزب الخضر السويسري الطعن بالنتيجة أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان في ستراسبورج لما اعتبره انتهاكاً للحرية الدينية التي كفلتها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.



وقالت وزيرة العدل السويسرية في بيان باسم الحكومة ان "المبادرة الشعبوية ضد بناء مآذن مخالفة لحقوق الانسان وتعرض السلام الديني للخطر".



واضافت ان هذه المبادرة "ليست وسيلة مناسبة للتصدي للتطرف الديني ويخشى على العكس من ذلك ان تخدم قضية المتزمتين" داعية مواطنيها الى الوقوف ضد المبادرة .



وشددت على ان "مثل هذا المنع يتعارض بكل وضوح مع القيم الاساسية للدولة السويسرية ولا يتوافق مع الحقوق والمبادىء الاساسية المنصوص عليها في الدستور".



ونددت اللجنة الفدرالية لمكافحة العنصرية، وهي هيئة عامة استشارية، بالصور التي "تذكي الكراهية" فيما عبرت لجنة الامم المتحدة لحقوق الانسان عن قلقها من حملة "اعلانات مشؤومة". ودانت الكنائس الكاثوليكية والبروتستانتية وكذلك ممثلو الطائفة اليهودية والاسلامية بالاجماع المشروع. لكن انصار الحظر لم يتراجعوا وكرروا ان الامر لا يعني حرمان المسلمين من اماكن العبادة بل رفض "رمز ظاهر لمطالبة سياسية دينية بالسلطة تنقض الحقوق الاساسية".



وقالت منظمة العفو الدولية أمنستي انترناشونال ان حظر بناء المآذن بشكل عام يعد انتهاكاً لحقوق المسلمين في سويسرا في اظهار دينهم.



وقالت المنظمة ان حظر بناء المآذن سيخرق التزامات سويسرا في دعم حرية الأديان.



و قد صرح وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، اليوم، انه صدم قليلاً بهذا القرار السلبي بالنسبة لقلق السويسريين أنفسهم لأنه "إذا كنا لا نريد بناء مآذن فهذا يعني اننا نقمع ديانة".



وأضاف "آمل أن يتراجع السويسريون عن هذا القرار بسرعة"، مؤكداً أن هذا التصويت "يعبر عن عدم التسامح وأنا أكره عدم التسامح".



وقال كوشنير ان بناء المآذن "ليس بالأمر المهم"، متسائلاً "هل يشكل تشييد بناء مرتفع قليلاً ضرراً في بلد فيه جبال؟".





وتعتبر الحرية الدينية أحد البنود العامة في مبادئ حقوق الإنسان.





واعتبر رئيس الجالية التركية في ألمانيا كنعان كولات أن نتيجة الاستفتاء السويسري التي تؤيد حظر بناء المآذن هي أمر مؤسف، مبيناً أنها تدل "على أن المجتمعات الأوروبية لم تصل بعد إلى النضج الكافي للتعامل مع الهجرة الوافدة ولا مع المهاجرين المقيمين بها".



يُـضاف إلى ذلك، أن موافقة أغلبية من الناخبين على المبادرة في صورة عرضها على التصويت الشعبي، سيثير عدم الفهم في الخارج ويسيء إلى صورة سويسرا. وحذّرت الحكومة من أن ذلك – لو حصل – فإنه قد يُـهدد الأمن ويُـضِـرّ بالاقتصاد!؟



وحول القول بالمعاملة بالمثل، أي حظر المآذن في سويسرا للإحتجاج عما يحدث للمسيحيين في بعض البلدان ذات الغالبية المسلمة، يجيب ممثل مؤتمر الأساقفة السويسريين: "نعم هناك ظلم، وهناك تمييز ضد المسيحيين في العديد من البلدان الإسلامية"، في بعض دول الخليج وخاصة السعودية حيث يمنع بناء الكنائس على أرضها مع أن هناك الكثير من العاملين من الطائفة المسيحية، وفي العراق حيث يتم التهجير القسري، لكن "لا يمكن الرد على الظلم بممارسة ظلم آخر".



بقلم: صقر الحرية - جنيف

ليست هناك تعليقات: